تغيير الدّومين: هروب مؤقت إلى الهاوية

 مرحبا بجميع مشرفي المواقع الإلكترونية في هذا المنشور الجديد من مدونة الدعم العربي

أتذكَّر جيِّدا، قبل بعض الوقت، كانت هناك نصيحة رائجة تمَّ تداولها بين مشرفي المواقع كحل سحري لتحسين الظهور في نتائج بحث جوجل: "غير اسم نطاق موقعك الإلكتروني وستتصدر النتائج!" كان العديد من مشرفي المواقع الإلكتروني وبعض مقدّمي خدمة تحسين محرِّكات البحث يتفاخر بهذا الحل، معتقدين أنه مفتاح النَّجاح السَّريع. في الحقيقة، لم يكن الأمر سوى محاولة للتَّحايل على أنظمة البحث، وطالما كنت أرفض هذه الممارسة وأُحذِّر أصدقائي من الاعتماد عليها، مؤكِّدا أنها مجرَّد حل مؤقت، مساوِئه أكثر من فوائده. ولكن، كان هناك إصرار كبير من البعض على أن هذا هو "الحل الأفضل".

واليوم، بعد مرور الوقت، الصورة اتضحت تماما. أصبحت المواقع التي اعتمدت على تغيير الدومين لتحسين ظهورها تعاني من تراجع كبير في ترتيبها، بل وفي بعض الحالات، اختفت تماما من نتائج البحث. والأمر الأكثر إثارة للدَّهشة هو الصَّمت المطبق الذي خيَّم على هذا الموضوع؛ لم يعد أحد يتحدَّث عن "الحلّ السّحري" هذا!

بعد قراءة هذا المنشور، لا تنس بمشاركة رأيك أو تجربتك بخصوص تغيير الدّومين لتجاوز عقوبات جوجل كخبير تحسين محرّكات البحث أو كمشرف مواقع.


لماذا تغيير الدُّومين ليس مفيدا بل ضار؟ جوجل توضِّح!

بعد الانخفاض شبه الجماعي لترتيب المواقع الإلكترونية بعد إطلاق تحديث أغسطس 2024 الأساسي في أنظمة جوجل، والانخفاضات المستمرَّة التي تعرفها مع كل تحديث أساسي، كان لا بد من إعادة النظر في ممارسات تحسين محركات البحث التي يقوم بها مشرفو المواقع الإلكترونية المتضررون. أدى هذا إلى خلق أو الترويج لممارسات بديلة لتحسين محركات البحث، ولعل أبرز نصيحة كانت تدور وسط مجتمعات مشرفي المواقع ومحسني محركات البحث إجابة عن سؤال "ما الذي يمكنني فعله لتحسين ظهور موقعي بعد تأثره سلبا بالتحديث الأساسي" هي: "غير الدومين ليتعافى موقعك الإلكتروني ويسترد ترتيبه".

لقد تحدثت في الماضي عن هذا الموضوع بالتَّفصيل في منشور بعنوان تغيير الدّومين لتجنّب عقوبات جوجل: الحلّ المثالي أم الضّربة القاضية؟، والذي نشرته في أغسطس 2024. وقد أوضحت فيه كيف أن تغيير الدومين -لتجاوز عقوبات تخفيض التّرتيب- لا يؤدي إلى تجاوز عقوبات جوجل، وتطرقت إلى الحالات التي يكون فيها تغيير الدومين طبيعيّا ومبرَّرا، مثل العثور على دومين أكثر تمثيلا لمحتوى الموقع أو النَّشاط التجاري. في هذه الحالات، لا يوجد ما يدعو للقلق، سواء اختار مشرف الموقع تطبيق عملية إعادة التوجيه أم لا.

ولكن، عندما يكون تغيير الدومين بهدف تعافي الموقع الإلكتروني من التحديثات الأساسية أو تحديثات المحتوى غير المرغوب فيه حتى يسترد ترتيبه أو يتحسن، فهنا يجب أخذ بعض الأمور بعين الاعتبار. ولعل أهم ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو ما تقوله جوجل في صفحة سياساتها مع المحتوى غير المرغوب فيه، وتحديداً جزء "التحايل على السياسات" حيث جاء:

إذا واصل الموقع الإلكتروني اتّباع ممارسات تهدف إلى التهرّب من سياساتنا المتعلقة بالمحتوى غير المرغوب فيه أو سياسات المحتوى المتّبعة في "بحث جوجل"، قد نتّخذ الإجراءات المناسبة، بما في ذلك حظر أو إزالة الأهلية لاستخدام بعض ميزات نتائج البحث (مثل ميزة "أهم الأخبار" وميزة "اقتراحات") بالإضافة إلى إجراءات على نطاق أوسع في "بحث جوجل". (مثل إزالة أقسام إضافية من الموقع من نتائج البحث). ويشمل التَّحايل، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

استخدام نطاقات فرعية أو أدلة فرعية أو مواقع إلكترونية حالية أو إنشاء نطاقات فرعية أو أدلة فرعية أو مواقع إلكترونية جديدة بغرض مواصلة انتهاك سياساتنا

هذا النَّصُّ الواضح من جوجل يؤكِّد بما لا يدع مجالا للشَّك أن تغيير النِّطاقات بهدف التَّهرُّب من السِّياسات هو شكل من أشكال التَّحايل، وأن عواقبه وخيمة قد تصل إلى إزالة الموقع بالكامل من نتائج البحث. ما كان البعض يراه "حلاّ ذكيّا" هو في الحقيقة ممارسة خطيرة تضرُّ بمستقبل الموقع على المدى الطويل، وسياسة جوجل الجديدة هي دعم المواقع الإلكترونية التي ترغب في النّجاح على المدى البعيد.


ماذا تقصد جوجل بالضّبط؟

التحايل على السياسات - سياسات المحتوى غير المرغوب فيه في جوجل

دعونا نحلل هذه الفقرة ببساطة شديدة: تمنع جوجل إنشاء أو استخدام العديد من المواقع الإلكترونية بهدف التلاعب بنتائج البحث أو التَّهرُّب من قواعدها. فإذا كنت تمتلك موقعا واحدا انتهك قواعد جوجل، فإنها تمنع نقل نفس المحتوى إلى موقع إلكتروني آخر بهدف استعادة الترتيب. هذا يعني أن جوجل تعتبر المواقع الإلكترونية التي تغير أسماء نطاقها (بطريقة توحي بأن هذا التَّغيير تمَّ فقط من أجل استعادة التَّرتيب) تنتهك سياساتها المتعلقة بالمحتوى غير المرغوب فيه.

ما الذي يعنيه هذا؟ يعني هذا أنه من الممكن أن تتم معاقبة المواقع الإلكترونية التي تنتهك سياسة التحايل على الأنظمة بواسطة إجراء يدوي أو خوارزمي، أو ما يعرف أيضاً باسم عقوبة جوجل خفية. وبدل استعادة الترتيب بعد إطلاق التحديث الأساسي التالي، من الممكن أن تتلقى ضربة موجعة أكثر بسبب القيام بهذه الممارسة.

أسوأ ما يحدث بسبب هذه النصيحة هو أن هناك أشخاصا يريدون التَّعلُّم وحل مشكلات مواقعهم الإلكترونية يُصَدِّقُون هذه النصيحة ويقومون بتطبيقها للأسف، مما يعني تعريض مواقعهم الإلكترونية لمزيد من العقوبات أو مزيد من إجراءات تخفيض الترتيب. وهذا ما أشرت إليه في دليل كتبته لفائدة مشرفي المواقع الإلكترونية على منتدى مساعدة مجموعة خدمات بحث جوجل والذي يدعو إلى إعادة النظر في ممارسات تحسين محركات البحث التي نقوم بها ومطابقتها مع النصائح والإرشادات التي وضعتها جوجل لفلترة الممارسات الجيدة من الممارسات السيئة.


المصداقية في محتوى مدونة الدعم العربي

أريد اغتنام هذه الفرصة للإشارة إلى أنّه لطالما كانت مدونة الدعم العربي ملتزمة بتقديم المعلومات الصحيحة والمفيدة التي تساعد مشرفي المواقع ومنشئي المحتوى الذين يعملون بجد لتحسين مواقعهم ومحتواهم بطرق شرعية ومستدامة. نحن نؤمن بأن النجاح الحقيقي يأتي من بناء مواقع قوية، تقديم محتوى عالي الجودة، والالتزام بإرشادات جوجل لمن أراد الظّهور على جوجل.

لهذا السبب، أنصحكم دائما بالرجوع إلى وثائق جوجل الرسمية للبحث، فهي البوصلة الحقيقية لنجاح موقعك، كما وضحت في منشور سابق بعنوان "ليس مجرَّد دليل: كيف تحوِّل وثائق جوجل إلى بوصلتك لتصدُّر نتائج البحث".

إن محاولة "حل مشكلة بمشكلة أكبر منها" عن طريق التحايل على أنظمة البحث لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية على المدى الطويل. الدعم العربي سيظل دائما مصدرا موثوقا للمعلومات التي ترتكز على أفضل الممارسات، والتي تساهم فعلا في نمو واستمرارية مشاريعكم الرَّقمية بما فيها مواقعكم الإلكترونية.


وفي الختام، تذكَّر دائما أنَّ النَّجاح المستدام في عالم تحسين محركات البحث لا يأتي عبر الطرق المختصرة أو محاولات التحايل. استثمر وقتك وجهدك في بناء محتوى قيم، وتحسين تجربة المستخدم، والالتزام بالإرشادات الرسمية. لا تتبع أي نصيحة دون تحليلها بعناية، والتأكد من مدى توافقها مع سياسات جوجل الرسمية ومع الممارسات السليمة والمستدامة. فالبناء على أُسُسٍ صلبة، وفقا لما تنصح به جوجل، هو الضمان الحقيقي لظهور موقعك واستمراريته في صدارة نتائج البحث.


بحاجة إلى مساعدة؟

في حال كانت لديك أسئلة أو كنت بحاجة إلى مزيد من المساعدة يُمكنك بدء مناقشة في منتدى الدعم العربي أو طرح سؤال في منتدى مساعدى مجموعة خدمات بحث جوجل.